بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاه والسلام أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين هيا بنا نتعمق فى حياه ثانى الرسل اولو العزم الا وهوأبو الانبياء ابراهيم عليه السلام نسأل الله التوفيق
حياته:-هو أبو الآنبياء وهو الجد الأكبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو امام للاتقياء وقدوه للمرسلين وهوخليل الرحمن منه تناسل الانبياء جميع أنبياء بنى اسرائيل من أولاد يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم فمنه تبدأ شجره النبوه وتنتهى بخاتم الرسل لقوله تعالى ( ووهبنا له اسحق ويعقوب ، وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب ، وآتيناه أجره فى الدنيا وانه فى الآخرة لمن الصالحين ) وقد ابتلى الخليل بانواع من الابتلاءات فكان من الصابرين ومن أشدها ذبح ولده ( اسماعيل ) ولهذا جعله الله أمة لقوله سبحانه ( ان ابراهيم كان أمه قانتا لله حنيفا ، ولم يك من المشركين ) ولقوه صبره على البلاء اختاره الله ( واتخذ الله ابراهيم خليلا ) 0
نسبه :- هو ابراهيم بن تارح ،بن ناحور ، بن ساروغ وينتهى نسبه الى (سام ابن نوح ) وبينه وبين نوح مده تزيد على ألف عام علما بأن القرأن ذكر اسم ابيه ( آزر ) وهذا هو الصحيح أما ماسبقه فذكره فى التوراة
كنيتة :- عن عكرمه قال كان ابراهيم عليه السلام يكنى ( أبا الضيفان ) ولعل هذا من كثره ضيوفه فقد كان كريما مضيافا وقد ذكر القرآن الكريم قصته مع الملائكه حين جاءوا لاهلاك قوم ( لوط ) فمروا على الخليل ليبشروه بغلام فظن أنهم من البشر فذبح لهم عجلا وشواه فلم يأكلوا منه فوقع فى نفسه الريبه منهم حتى أخبروه أنهم من الملائكه قال الله ( هل أتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين . اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون . فراغ الى أهله فجاء بعجل سمين . فقربه اليهم قال ألاتأكلون فأوجس منهم خيفه قالوا : لاتخف وبشروه بغلام عليم ) الايه
ولادته :- قال بعض المؤرخون أن ابراهيم عليه السلام ولد بغوطة دمشق فى قرية ( برزة ) فى جبل ( قاسيون ) والصحيح عند أهل السير أنه ولد ( ببابل ) فى العراق * ولد ابراهيم بعد أن بلغ والده من العمر 75 سنة وكان هو الولد الاكبر لاخوته
زواجه من سارة :- حين كبر وشب تزوج بامرأة تدعى ( ساره ) وكانت عاقرا لاتلد وهاجر معها ومع والده فخرجوا من ( أرض العراق )الى ارض ( الكنعانيين ) ( بلاد المقدس ) فأقامو ( بحران ) قريبه من الشام وكان أهلها يعبدون الكواكب السبعه والاصنام وكل ماعلى الارض كانوا كفار فى ذلك الزمان سوى ابراهيم وزوجته وابن أخيه لوط عليهم السلام
دعوته لأبيه آزر :- كلنا يعلم ان أبيه كان مشركا يعبد الأصنام فكان لم يدخر جهدا فى تذكير أبيه وتحذيره من عذاب الله كان يخاطبه بكل أدب ويبين له أن عباده الاصنام لاتضر ولاتنفع بل لاتستطيع أن تدافع عن نفسها ، وكانت دعوته بالحكمه والموعظه الحسنه ولم يستجب ابوه لهذا النصح بل هدده بالقتل والضرب يقول الله ( واذكر فى الكتاب ابراهيم انه كان صديقا نبيا . اذ قال لأبيه : ياأبت لم تعبد مالايسمع ولايبصر ولايغنى عنك شيئا ؟ ياأبت انى قد جاءنى من العلم مالم يأتك فاتبعى أهدك صراطا سويا .ياأبت لاتعبد الشيطان ، ان الشيطان كان للرحمن عصيا . ياأبت انى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا .قال أراغب أنت عن آلهتى ياابراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرنى مليا . قال سلام عليك سأستغفر لك ربى ، انه كان بى حفيا ) سورة مريم وفعلا استغفر ابراهيم عليه السلام لأبيه ( واغفر لأبى انه كان من الضالين ) ولما اصر أبيه على الشرك تبرأ من أبيه وقطع صلته به لقول الله ( وما كان استغفار ابراهيم لأبيه الاعن موعدة وعدها اياه ، فلماتبين له أنه عدو لله تبرأ منه ان ابراهيم لأواه حليم )الايه
نشأته:- نشأ ابراهيم عليه السلام وسط بيئة فاسده يحكمها ملك طاغية ( النمرود بن كنعان ) وكان أهل بابل ينعمون برغد العيش كانوا ينحتون الأصنام بأيديهم ثم يعبدونها من دون الله ولما أحس ( النمرود ) أنه حاكما مطلقا دعا الناس الى عبادته فالاصنام لاتملك لهم نفعا ولاضرا وهو يفيض عليهم بالخير ويدفع عنهم الشر فهو أحق بالعباده نشأ فى هذا الجو وهداه الله الى الحق أن الله تعالى واحد وأنه مهيمن على الكون فعزم على نجاه قومه من هذا الشرك فأراد أن يتحصن بالعلم فطلب من الله أن يريه الآيه وسأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى فخاطبه ربه بقوله ( أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبى ) أراد أن يرى عجائب وقدره الله فأجاب الله طلبه وأمره أن يأخذ أربعه من الطير يتأملها ثم يذبحها ويجعلها أجزاء ويخلطهم ويجعل على كل جبل جزءا ثم يدعوهن اليه فيأتينه سعيا باذن الله يقول الله تعالى ( واذ قال ابراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى!!قال : أولم تؤمن ؟ قال بلى ، ولكن ليطمئن قلبى ، قال : فخذ أربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ، ثم ادعهن يأتينك سعيا ، واعلم أن الله عزيز حكيم ) الايه
مناظرة ابراهيم لقومه :- أراد ابراهيم عليه السلام أن يمحوا من قومه العقائد الباطله ويردهم الى الحق حتى لو عرض حياته للخطر عاش من أجل الدعوه . ولانه كان ذكيا علم أن البرهان خير دليل . كان لقومه يوم عيد يخرجون خارج المدينه يقضون الايام فى التسليه والمرح فلما خرجوا وطلبوا منه أن يخرج معهم فرفض وعزم أن يهدم آلهتهم فتظاهر امامهم بالمرض وبعد خروجهم أخذ فأسا وراح يدمر أصنامهم حتى جعلها ( جذاذا ) أى قطع صغيرة وترك صنما كبيرا وعلق فى عنقة الفأس . رجع القوم فذهلوا لما رأوا ( من فعل هذا بآلهتنا انه لمن الظالمين )فسكتوا وهم فى ذهول ثم انطلق صوت يذكرهم بتوعد ابراهيم لأصنامهم ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم ) فأجمعوا على أن يوقعوا به أشد العذاب وأرادوا أن تكون المحاكمه علنيه ليرى الناس مايحل به من عذاب فأجتمعوا للاخذ بالثأر أمام رؤوس الأشهاد
المحاكمه :-عندما تقدم ابراهيم عليه السلام للمحاكمه شخصت الأبصار لسماع اجابته وكان السؤال ( أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياابراهيم ) ولحكمته وليرجعون لصوابهم كان الجواب ( بل فعله كبيرهم هذا ، فاسألوهم ان كانوا ينطقون ) وبهذا أيقظهم من غفلتهم وقالوا بعضهم ( انكم أنتم الظالمون) فكان السؤال الثانى ( لقد علمت ماهؤلاء ينطقون !! )أى كيف نسألهم وانت تعلم أنهم لاينطقون ، فقال لهم ( قال أفتعبدون من دون الله مالا ينفعكم شيئا ولايضركم ؟ أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ؟! ) فلما اكتشف أمرهم وخافوا هزيمتهم قالوا ( حرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين ) ساروا يجمعون الحطب مده من الزمن حتى ضاق المكان مما جمعوا وأشعلوا النار ولما سطع ضوءها قيدوه ورموا به فيها فجاء الأمر الربانى ( قلنا يانار كونى بردا وسلاما على ابراهيم ) يقول الله تعالى ( وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ) فلم تحرق النار الا الوثاق
زواجه :- لما كبر تزوج بامرأه تسمى ( سارة ) وكانت عقيما لاتلد ، ولذلك تزوج معها ( هاجر ) أم اسماعيل عليه السلام وعلى الكبر رزقه الله ولدا يسمى ( اسحق )من ( سارة ) بعد أن بشرتها الملائكة وقالت ( ياويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا ان هذا لشئ عجيب ؟؟ ) فكان رد الملائكة ( أتعجبين من أمر الله ؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، انه حميد مجيد ) وكانت هذه استجابه لدعوه الخليل ( الحمد لله الذى وهب لى على الكبر اسماعيل واسحق ان ربى لسميع الدعاء ) الايه
هجرته :- هاجر ابراهيم مع والده وزوجته من أرض ( الكلدانيين ) الى أرض ( الكنعانيين ) فى بيت المقدس وأقاموا فى ( حران ) التى كان أهلها يعبدون الكواكب السبعة وهو نفس المكان الذى توفى فيه والده وعمره 250 عاما
مناظرتة للنمرود :- كان سكان الارض جميعا كفار عدا ابراهيم وامرأته وكان النمرود أحد أربعه ملكوا الدنيا أثنان مؤمنان وهما ( ذو القرنين ) و ( سليمان بن داود ) وأما الكافران هما ( النمرود ) و( بختنصر ) أما فرعون فكان يملك أرض مصر وليس الدنيا . ذكر المؤرخون أن ( النمرود ) عاش فى ملكه 400 سنه طغيات وتكبر وتجبر وادعاء الربوبية فناظره الخليل وقال ( ربى الذى يحيى ويميت ) فعارضه وقال ( أنا أحيى وأميت ) وجاء برجل محكوم عليه بالاعدام فعفا عنه فأحياه فلما رأى الخليل قله عقله أنتقل الى أمر قاطع فقال ( ان الله يأتى بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب ) فعجز ( فبهت الذى كفر ، والله لايهدى القوم الظالمين ) ويذكر أن هذه المناظره كانت يوم خروج الخليل من النار
رحله الخليل الى مصر :- عم القحط فى بلاد الشام وفلسطين فرحل ابراهيم عليه السلام الى مصر ومعه زوجته ساره
ولادة اسماعيل عليه السلام :- هاجر الخليل من مصر الى فلسطين ومعه زوجته ( ساره ) وأمتها ( هاجر ) وكان يحزنها أن زوجها وحيد ليس له ولد وهى قد جاوزت سن السبعين فأشارت عليه أن يدخل بأمتها لعل الله يرزقه منها غلامايكون عونا لأبيه فاستجاب وتزوج ( هاجر ) أنجبت له غلاما زكيا وهو سيدنا ( اسماعيل ) عليه السلام وكان عمر سيدنا ابراهيم 86 سنه ، ودبت الغيره قلبها وأصبحت لاتطيق النظر الى الغلام ولارؤية هاجر فطلبت منه أن يقصيها هى وولدها عن دارها وأوحى الله له أن يطيع أمرها فأخذهما وسار يقطع الصحراء حتى بلغ جبال مكه الجرداء فتركهما ومعهما كيس به تمر وسقاء فيه ماء وتركهم وأراد العوده فلحقته وهى تقول : ياابراهيم أين تتركنا فى هذا المكان . فلم يلتفت اليها مخافه عدم تنفيذ أمر الله .فقالت له ( آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : اذا لن يضيعنا الله ) انه الايمان الذى عمر قلب ابراهيم وزوجته هاجر وبعد أن ابتعد قليلا دعا الله ( ربنا انى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم ، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) الايه
نبع زمزم وبناء البيت العتيق :- بقيت هاجر ترضع ولدها اسماعيل وتشرب من الماء حتى نفذ فعطشت وعطش ابنها وأخذ ولدها يبكى ويتلوى من العطش فانطلقت فوجدت ( الصفا ) أقرب جبل فصعدت عليه تنظر لترى أحدا فلم ترى أحدا فهبطت وسعت حتى وصلت الى جبل ( المروة ) فصعدت لترى فلم تجد أحدا . فأخذت تذهب وتجئ بين ( الصفا والمروة ) سبع مرات وبينما هى على ( المروة ) سمعت صوتا فقالت : أغثنا ، فرأت ملكا وهو ( جبريل )يضرب الارض بجناحه حتى ظهر الماء فنبعت زمزم فجعلت تحوط الماء وهو يفور ثم قال لها الملك لاتخافى فان لله ههنا بيتا يبنيها هذا الغلام وأبوه وأشار الى مكانه ثم غاب الملك . بدأت الطيور تحوم فوق الماء ومرت قبيله ( جرهم ) فرأوا الطير فاستدلوا على وجود الماء وأستأذنوا أم اسماعيل أن يضربوا خيامهم قريبا منها فأذنت لهم وكثرت البيوت وشب اسماعيل وكبر وتزوج من القبيله وتعلم العربيه وتوفيت هاجر وبعد سنين عديده حن قلب ابراهيم الى رؤية زوجه وولده فأخذ يقطع الصحراء حتى وصل فلما رأى ولده عرفه ابراهيم فعانقه ثم قال يااسماعيل : ان الله أمرنى بأمر قال : فاصنع ماأمرك به ربك قال : وتعيننى ، قال : وأعينك ، قال : فان الله أمرنى أن أبنى ههنا بيتا وأشار الى المكان قرب زمزم فرفعا القواعد من البيت فجعل اسماعيل يأتى بالحجارة وابراهيم يبنى حتى ارتفع البناء وهما يقولان ( ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ) حتى انتهيا من بناء الكعبة المشرفة
قصه الذبيح اسماعيل :- رأى ابراهيم فى منامه رؤيا أن الله تعالى يأمره بذبح ولده البكر ( اسماعيل )ولده الوحيد ولأن رؤيا الأنبياء حق استيقظ من نومه وأراد تنفيذ أمر الله ولكنه أراد أن يختبر ولده فقال له ( يابنى انى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى ) فقال الغلام ( ياأبت افعل ماتؤمر ستجدنى ان شاء الله من الصابرين ) بر لوالده وايمان شديد من الاب وولده فأراد الولد أن يخفف عن أبيه فقال : ياأبت اجعل لى وثاقا ، واحكم رباطى ، واشحذ شفرتك ، وأسرع امرارها على حلقى ليكون أهون على ، فان الموت شديد . فقال ابراهيم : نعم العون أنت يابنى على تنفيذ أمر الله . وأخذ يقبله ويودعه الوداع الأخير وبدأ التنفيذ ولكن لم تستجيب السكين ، فقال اسماعيل : ياأبت كبنى على وجهى حتى لاتدركك بى رحمه تمنعك من تنفيذ أمر الله ، فعل ولكن لم تستجيب السكبن فجاء النداء الهى ( وناديناه أن ياابراهيم قد صدقت الرؤيا ، انا كذلك نجزى المحسنين ان هذا لهو البلاء المبين . وفديناه بذبح عظيم ) الايه وقد اشتهر أن النبى صلى الله عليه وسلم يدعى ابن الذبيحين وهما ( اسماعيل ) و ( عبد الله ) والده
وفاه سيدنا ابراهيم :- عاش سيدنا ابراهيم 175 سنه ودفن فى مغارة ( المكفيلة ) التى دفنت فيه سارة من قبل وهى ماتسمى الخليل الان وكانت تسمى من قبل ( قرية أربع ) أما اسماعيل عاش 137 سنة ودفن بمكة قريبا من الحجر الذى بجوار البيت العتيق قرب أمه هاجر صلوات الله عليهم أجمعين والحمد لله رب العالمين * والى اللقاء مع رسول الله موسى بن عمران عليه السلام