بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا( محمد) وعلى آله وصحابته أجمعين . اليوم نتحدث عن( يوسف ) الصديق عليه السلام يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: ( ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما ، وكذلك نجزى المحسنين ) وأثنى عليه الله فقال ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، انه من عبادنا المخلصين )كما وصفه الله بالعفه والنزاهة والصبر
نسبه عليه السلام :- هو ( يوسف ) بن ( يعقوب ) بن ( اسحق ) بن ( ابراهيم )عليهم وعلى نبينا الصلاه والسلام ، أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( ان الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم ) عليهم السلام
ذكره فى القرآن :- ذكر ( يوسف ) فى ( 26 آية ) فى القرآن منها (24 آية ) فى سورة يوسف ذكرت قصته كامله ، وذكر فى آية فى الأنعام ، وفى آية فى غافر . وصفه الله بالصديق ولهذا سمى (يوسف الصديق ) قال الله : ( يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ....) وهو من ذرة ( ابراهيم ) ومن أشهر أنبياء أرسل الى بنى اسرائيل قال الله : ( ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جاءكم به ، حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا ...)الآية
رؤيته عليه السلام :- رأى فى منامه وهو صغير لم يحتلم أحد عشر كوكبا ، والشمس ، والقمر قد سجدوا له . فلما استيقظ قصها على أبيه . عرف أبوه أنه سيكون له شأن عظيم . فأمره بالكتمان ، وألا يقصها على اخوته ، خوفا عليه ليدبروا له مكيده . قال الله : - ( اذ قال يوسف لأبيه ياأبت انى رأيت أحد عشر كوكبا ، والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين . قال يابنى لاتقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا ، ان الشيطان للانسان عدو مبين ) الآيات
حب أبوه له :- كان أبوه ( يعقوب ) يحب ( يوسف ( و( بنيامين ) حبا شديدا لدرجه أنه كان يؤثرهم على أخوتهم ، فكان سببا فى حقدهم ل ( يوسف و بنيامين ) ، ففكروا فى الشر ، طلبوا من أبيهم اصطحاب يوسف ليلعب معهم ، ولخوفه عليه قال كما أوضحت لنا الايه ( انى ليحزننى أن تذهبوا به، وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ) ، ولدهاء أخوته قالوا لأبيهم كما أوضح القرآن ( لئن أكله الذئب ونحن عصبة انا اذا لخاسرون ) فكان أبوه يخاف عليه منهم أكثر من خوفه من الذئب
القاءه فى الجب : - بعد أن أرسله أبوه مع أخوته فتظاهر أمامهم بقبول وعودهم ، وبعد أن أبتعدوا عن أعين أبيهم قاموا بضربه وشتمه بقبيح الكلام وأتفقوا فى القائه فى غيابة الجب ( أى فى قعره ) . وكان الماء قليل ، فأوحى الله له أنه مخرجه من هذه الشده وسوف تخبرهم بهذا وهم لايعلمون أمرك . قال الله : ( وأوحينا اليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لايشعرون ) ، مرت سيارة ( قافلة ) فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه فتعلق يوسف ، فظن أن الدلو ملئ ، فسحب الدلو ، فاذا بغلام جميل ، وسيم الخلق فقال الرجل ( يابشرى هذا غلام ) فأخذوه معهم وباعوه فى مصر وأشتراه عزيز مصر اسمه ( قطفير ) بثمن رخيص ، ولحسن خلقه وأمانته وصدقه احتل مكانا حسنا عنده العزيز، كان ذلك سنه ( 1600 ) تقريبا قبل الميلاد ، أما أخوة يوسف فقد ذبحوا شاه ولطخوا قميصه بالدم وقالوا لأبيهم أكله الذئب . قال الله ( وجاءوا أباهم عشاء يبكون . قالوا ياأبانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) فما كان من ( يعقوب ) الا أن أمسك بالقميص وجعل يقلب فيه ويقول : ماأحلم هذا الذئب أكل ابنى ( يوسف ) ولم يمزق قميصه ثم قال لهم كما ذكر ( قال : بل سولت لكم أنفسكم أمرا ، فصبر جميل ، والله المستعان على ماتصفون ) الآيات
يوسف وامرأة العزيز :- أقام ( يوسف ) فى بيت العزيز منعما مكرما ، وكان شديد الحسن والجمال ، فلما كبر ، عشقته امرأة العزيز ، ودعته لنفسها ، فاستعصى ووقف فى وجه الشهوة وذلك لسببين 1- الايمان بالله 2 - أنها زوجه من أحسن اليه وأئتمنه على ماله وعرضه . قال الله ( وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت : هيت لك ، قال : معاذ الله انه ربى أحسن مثواى ، انه لايفلح الظالمون ) هنا معنى ( انه ربى ) أى سيدى . هاجت امرأة العزيز وأرادت الاتصال بها بالقوة ، فغلقت الابواب ، ولكنه امتنع ، فأمسكت به لتجبره على مواقعتها ، فحاول الفرار منها ليخرج من الباب ، فأمسكت بثوبه من الخلف فتمزق ، وظل هذا الوضع الى أن وصل زوجها ، فصرخت لتظهر برائتها أمام زوجها ، وقال انه راودها عن نفسها فامتنعت . يقول الله ( واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر ، وألفيا سيدها لدى الباب ، قالت ماجزاء من أراد بأهلك سوء الا أن يسجن أو عذاب أليم ؟ قال هى راودتنى عن نفسى ، وشهد شاهد من أهلها ان كان قميصه قد ( أى شق ) من قبل فصدقت وهو من الكاذبين . وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين ) هذه شهاده طفل من أقربائها أنطقه الله لأظهار براءة يوسف ، أكمل معى قول الله ( فلما رأى قميصه قد من دبر قال انه من كيد كن ، ان كيد كن عظيم يوسف أعرض عن هذا ، واستغفرى لذنبك انك كنت من الخاطئين ) الآيات
انتشار الخبر فى المدينه : - انتشر الخبر فى أرجاء المدينة ، وكان الموضوع حديث كل النساء ، كيف تعشق سيدة خادمها ، فدبرت مكيدة للنساء ، فهيأت لهن مكان للجلوس ، وأرسلت لصديقاتها ذوات الثراء والجاه ، وقدمت لهن طعام يحتاج القطع بالسكين ، وأمرت(يوسف ) عليه السلام بالخروج عليهن ، فبهرن من جماله ، اصبح العقل غارق ، والبصر شارد ، قطعن أيديهن ولم يشعرن بألم ، والدماء تسيل منهن ، وقالوا ( حاشا لله ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ) فقالت لهن ( فذلكن الذى لمتننى فيه ، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ، ولئن لم يفعل ماآمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ) هذه الآيه اعتراف منها بتبرئه يوسف وأيضا توعد وعناد منها ، وتقدم يوسف للمحاكمه ، وحكم عليه بالسجن ، وقيل أنه سجن سبع سنوات ، قال الله ( ثم بدا لهم من بعد مارأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) ، ودخل معه السجن فتيان ، الأول رئيس سقاة الملك ، والثانى رئيس الخبازين ، رأى كل منهم حلم وعرضه على (يوسف ) عليه السلام ، الأول رأى أنه يعصر فى كأس الملك الخمر ، والثانى رأى أنه يحمل فوق رأسه طبقا من الخبز ، التفسير للأول أنه سيخرج من السجن وسيسقى الملك خمرا ، والتفسير للثانى انه سيصلب وتأكل الطير من رأسه ، وصدق فى تفسيره
رؤيا الملك والخروج من السجن :- بعد عده سنين رأى الملك رؤيا فى منامه ، رأى سبع بقرات جميلات خرجن من النهر وأخذت ترتع فى روضه ، ثم رأى سبع بقرات هزيله خرجت من النهر وأكلت البقرات السمان ، ثم رأى سبع سنابل خضراء وسبع سنابل يابسة تأكلها . فاستيقظ الملك وطلب من العلماء التفسير فلم يجد جواب فتذكر رأى رئيس السقاه فى تفسير يوسف ، فأرسله الى يوسف ليعرض عليه رؤيا الملك ، فكان جواب يوسف : أنه ستمر على البلاد سبع سنوات فيها الخير الوفير ، ثم سبع سنوات مجدبة ( تأكل الاخضر واليابس ) فأعجب الملك بالتفسير فأمر باخراجه من السجن وتسليمه احدى وزارات الدولة ، رفض ( يوسف ) الخروج قبل أن يبرأ ، وفعلا تبرأمن التهمه وشهد الناس بنزاهته . قال الله ( وقال الملك ائتونى به ، فلما جاءه الرسول قال ارجع الى ربك فاسأله مابال النسوة الآتى قطعن أيديهن ؟ ان ربى بكيدهن عليم . قال ماخطبكن اذ راودتن يوسف عن نفسه ؟ قلن حاش لله ماعلمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ) وجاءوا أباه وأمه وجميع اخوته الى مصر ودخلوا عليه وهو فى عز سلطانه وجاه فسجدوا له ( سجود تحيه وتكريم ) يقول الله ( وقال ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين . ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ، وقال ياأبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا ، وقد أحسن بى اذ أخرجنى من السجن ، وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين اخوتى ان ربى لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم ) الآيات
المحن التى مرت بيوسف :- الأولى :- حينما حسده اخوته فدبروا له مكيده وأرادوا قتله . الثانيه :- عندما أحبيه امرأه العزيز وحاولت الايقاع به ولكن حفظ الله له كان أقوى . الثالثه :- دخوله السجن وهو برئ لولا اراده الله ماكانت رؤيا الملك .
براءه يوسف بنص القرآن :- 1- شهاده الله ببراءته لقول الله ( وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، انه من عبادنا المخلصين ) 2- وشهاده أقرباء امرأة العزيز لقول الله ( وشهد شاهد من أهلها ان كان قميصه قد من قبل ...) 3- وشهد ببراءته من النسوة الاتى قطعن أيديهن لقول الله ( قلن حاش لله ماعلمنا عليه من سوء ...) 4- وشهد ببراءته من قبل زوجه العزيز لقول الله ( الآن حصحص الحق ، أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ...) 5- وشهد ببراءته الشيطان لقول الله ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين ) الكل شهد ببراءته ( يوسف ) الصديق عليه
وفاتة :- قيل عندما أجتمع يوسف وأبوه وأمه وأخوته كان عمر أبوه ( يعقوب ) عليه السلام ( 130 ) سنه ثم توفى يعقوب بعدها ب ( 17 ) سنه ، وعاش يوسف ( 110 ) سنه ومات فى مصر وهو فى الحكم ودفن فيها ، وقد أوصى اخوته أن يأخذوه معهم اذا خرجوا من مصر ويدفن مع أبيه ، وفعلا نقل رفاته الى الشام ودفن بنابلس وكان ذلك قبل مولد موسى عليه السلام ب ( 64 ) سنه ، وقد طلب من ربه أن يميته على الاسلام ، وقد استجاب الله له لقول الله ( رب قد آتيتنى من الملك ، وعلمتنى من تأويل الأحاديث ، فاطر السموات والأرض ، أنت وليى فى الدنيا والآخرة ، توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين ) أن الله سميع مجيب الدعاء.
والى اللقاء مع ( شعيب ) عليه السلام
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته