بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وعليه نتوكل وبه نستعين والصلاة والسلام على خير الهدى أجمعين سيدنا محمد وعلى الأنبياء أجمعين صلاة وسلام وعلى من سار على هديهم الى يوم الدين . حديثنا اليوم عن ( داود ) عليه السلام ، يقول الله تعالى ( ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا ..) الآيه
ذكره فى القرآن :- ذكر ( داود ) عليه السلام ستة عشر مره فى القرآن الكريم ، وهو من أنبياء بنى اسرائيل ، من سبط ( يهوذا بن يعقوب ) ، أعطاه الله خير الدنيا والأخرة ، فكان نبيا ملكا ، كما كان ولده ( سليمان ) عليه السلام
نسبه عليه السلام :- هو ( داود ) بن ( ايشا ) بن ( عويد ) ...من أولاد (يهوذا ) بن ( يعقوب المسمى اسرائيل) بن ( اسحق ) بن ( ابراهيم ) عليه السلام ، وهو من الرسل الذين نزلت عليهم الكتب السماوية بعد ( موسى ) عليه السلام . لقول الله ( وآتينا داود زبورا ) الآيه
بنى اسرائيل بعد وفاه موسى :- بعد وفاه موسى وهارون ، تولى أمر بنى اسرائيل نبى يدعى ( يوشع بن نون ) عليه السلام ، دخل بهم أرض فلسطين ( الأرض المقدسة ) ، وقام بأمرهم الى وفاته ، وبعد وفاته تولى أمرهم قضاة وساروا على ذلك ( 356 ) سنه ( حكم القضاه ) ، فى هذه الفترة دب فيهم الضعف ، وفشت فيهم المعاصى ، وضيعوا شرع الله ، ودخلت فيهم الوثنيه ، فسلط الله عليهم الغزاه ، غزاهم العمالقة ، والأراميون ، والفلسطينيون ، وغيرهم ، كثرت الخطايا ، وقتلوا أنبياء الله ، فسلط عليهم ملوكا جبارين ، ظلموهم ، وسفكوا دماءهم ، وسلط عليهم الأعداء ، ففى حربهم مع أهل ( غزة وعسقلان ) مات ملكهم وأصبحوا كالغنم بلا راع ، فبعث الله اليهم نبيا ( شمويل ) يسمونه أهل الكتاب ( صمويل ) فنصبوه عليهم ملكا ليقاتلوا معه الأعداء . لقول الله ( ألم تر الملأ من بنى اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله ، قال : هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ألاتقاتلوا ؟ قالوا : ومالنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ، فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم ، والله عليم بالظالمين )الآيات
ملك طالوت :- جعل الله ( طالوت ) نبيهم ملكا بوحى منه ، فملكه أمرهم ، كان قوى الجسم والعلم ، ولكن بنى اسرائيل تمردوا عليه ، وقالوا له كما أوضح الله لنا ( أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ، ولم يؤت سعة من المال ؟ قال : ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم ) ، أيده الله بالملك أ أختار الجنود الأقوياء ، وخرج بهم لقتال الأعداء ، وفى الطريق اشتد بهم الظمأ ، وعند مرورهم على النهر ، أراد أختبارهم ، فأمرهم ألايشربوا منه ، بل أخذ جرعه لبل الظمأ فقط ، قال الله ( فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فانه منى الا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه الاقليلا منهم ..) ، فأصبح عدد الجنود ( 319 ) من (80000) جندى ، فذهب بهم لقتال ( الوثنيين ) الفلسطينين ، وكان رئيس الجيش ( جالوت ) كان جبار يخافه الناس ، فرهبه بنو اسرائيل وقالوا ( لاطاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ، قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قلية غلبت فئة كثيرة باذن الله...) الآيات
داود يقتل جالوت :- طلب جالوت المبارزة ، فتقدم اليه فتى يسمى ( داود ) فلما أقبل عليه احتقره وقال له : ارجع انى أكره قتلك ، فقال له داود : ولكنى أحب قتلك ، وتمت المبارزة ، فقتل (داود ) جالوت وانهزم جيشه ، وانتصر (داود ) عليه السلام ، قال الله ( فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت ، وآتاه الله الملك والحكمة ، وعلمه مما يشاء ...)، وتتابعت الانتصارات على يد ( داود ) وأعز الله بنى اسرائيل بعد أن كانوا فى ذل ، وبايعو( داود ) على الملك ، وكان عمره ( 30 ) عاما ، وقد حكم بينهم بالعدل ، وطبق التوراة ، الى أن أوحى الله له بالزبور ، أحد الكتب السماوية الأربعة
دعوته عليه السلام :- عندما بلغ ( داود ) عليه السلام من العمر ( 40 ) سنه آتاه الله النبوة مع الملك ، وأرسل الى بنى اسرائيل ، وأنزل عليه الزبور فيه ( مواعظ وعبر وأذكار)، وآتاه الحكمه وفصل الخطاب ، كان حسن الصوت ، كان اذا قرأ الزبور تكف الطير عن الطيران ، وتقف على الاشجار ، وكانت تسبح بتسبيحه ، وتسبح معه الجبال . قال الله ( انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق ) وقال ايضا ( ولقد آتينا داود منا فضلا ياجبال أوبى معه والطير ) ، فقد كان كثير العبادة لله ، كان يقوم الليل ويصوم النهار ، ويخصص جزءا كبيرا من يومه فى مسجده . قال الله ( واذكر عبدنا داود ذا الأيد انه أواب ...) معنى الأيد / القوة فى الطاعه والعباده. ذكر فى الصحيحين ( أحب الصلاة الى الله صلاة داود ، وأحب الصيام صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ..) الحديث
نظامه عليه السلام :- كان يخصص يوما للعبادة ، ويوما للقضاء ، ويوما للوعظ ، ويوما لنفسه . ففى خلوته رأى بعض الأشخاص والحراس على الباب من الخارج ، ففزع ، فقالوا له : لاتخف نحن مختصمان ، فاحكم بيننا بالحق( واهدنا الى سواء الصراط ..) فتحدث أحدهم ( ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة..) ( ولى نعجة واحدة فقال أكفلينها ..) أى ملكنيها ( وعزنى فى الخطاب ..) أى غلبنى فى الخصومة . فأجابه داود ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه ..) ( وظن داود أنما فتناه ..) أى ابتليناه ( فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ..) لانه تسرع بالحكم قبل سماع الطرف الثانى، اقرأ معى قول الله ( وهل أتاك نبأ الخصم اذ تسوروا المحراب . اذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا : لاتخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولاتشطط واهدنا الى سواء الصراط . ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب ، قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه وان كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم ، وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ..) الآيات
ماميزه الله به :- 1- تسخير الجبال يسبحن معه بكرة وعشيا : ( انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق ) 2- ترجيع الطير معه كلما قرأ الزبور : ( والطير محشورة كل له أواب ..) 3 - تعليمه منطق الطير: ( علمنا منطق الطير ...) 4 - لين الحديد بين يديه كالعجين : ( وألنا له الحديد ..) 5 - صناعه الدروع لمواجه خطر الحرب : ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم ...) 6- قوى الله ملكه وجعله منصورا : ( وشددنا ملكه ...) 7 - آتاه الله الحكمه ( النبوة ) وفصل الخطاب ( تمييز الحق عن الباطل ) : ( وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ...) الآيات
وفاته : - يقال أن (داود ) عليه السلام عاش (77) سنة ، وقيل ( 100) سنه ،بعد ماطلب آدم من الله أن يمده فى عمره ليصبح (100) بدل من (60 ) فقال الله لأدم على أن أزيده من عمرك ، ولما جاء الأجل لآدم قال بقى لى (40 ) سنه ونسى أنه وهبها (داود ) ، وأتم الله عمر آدم (1000) سنه . وقد دام ملكه ( 40 ) سنه . والله تعالى أعلم
والى اللقاء مع (سليمان ) عليه السلام
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته